بالطبع خلق الله غيرهم الكثيرين
انطلقت
خرجت الى الدنيا الواسعة
رأت عيون الناس تراقبها
تراقب نعومتها ..شقاوتها .. سيرها المضطرب بجوار الحائط
كم مرة استندت بظهرها الى الحائط
تتمسح به دونه
دون الناس جميعا
فلم تعد تثق الا بالجمادات الصامتة
كم سمعت نداءات كثيرة .. أطفال .. وكبارا .. تعرف أنهم يودون امتلاكها
رغم انها قطة عادية يسمونها (قطة بلدى)
قررت ألا يتعلق القلب مرة ثانية بأحد
رغم انها قطة .. طبعها النسيان .. الا انهاحاولت أن تحافظ على وعودها لنفسها
لم تعد تهتم بأحد
لم تعد تحتاج لأحد
يرزقها الله دائما برزقها المفضل
أحيانا تشتاق للبن..
ولأنه لا يوجد إلا فى البيوت
تتحرج من رغبتها هذه .. وتتذكر وعدها
هنااك
شعر بها
وعلم انها لن تدخل بيته أبدأ
لطالما حاول معها
ولا تطمئن
خوفها علمها أن الشارع أرحم كثيرا من بيوت الاثرياء
رغم انه كان كريما معها
لفترات طويلة ..
ظل يخرج اللبن يوميا .. يضعه على بسطة السلم
أمام باب شقته
ولم تكن تأمن على نفسها .. أن تصعد وتشرب اللبن
اكتفت ان يكون جدار بيته حصن لها
مدخل عمارته أمانها الوحيد
معه .. وليست ملكه
ايام طويله تنظر الى عرضه الكريم ولا تقترب
تظل تنام هناك
بين الشارع وبينه
لا الى هؤلاء الناس تنتمى
ولا اليه
فقدت الثقة فيمن يعيشون فى المبانى المغلقة وخلف الابواب
عندما قدم الشتاء
سأتها عيناه : الى متى تستمرى فى هذا الوضع
وتنامين فى الخارج
وضع السبت الناعم الدافئ أمام بابه
وانتظرها
لم تذهب
لم يكف عن المحاولة
لكنها لم تذهب
تحركت كثيرا .. فرحت .. لعبت كثيرا .. واستمتعت بحريتها فى شوارع المدينة المزدحمة
يالها من حرية!!
زادت خشونتها
تجمعت حولها القطط الصغيرة فى الشوارع
واصبحت زعيمتهم
تراقب ألوان المدينة
نافورات المياء فى الميادين الساهرة
تفرح بالبالونات بألوانها المبهرة
فقاعات الصابون فى أيدى سيدات البيوت
تقفز كل يوم
تراقب الامهات يداعبن صغارهن
تتسأل
أين أمى وأهلى؟
أين ذهبوا؟
هل كنت يوما طفلة ؟
مثل هؤلاء الصغار
بين الحين والحين
تتذكره
ذلك الذى وعدها .. بالسبت واللبن
تذهب الى شقته
تتأمل كتلة الحديد الصلبة المعلقة على بابه .. وتتعجب
تتأمل الأتربة الملتصقه على الأرض
تراجعت للخلف .. تتأمل بصمتها
على أرض لم يطئها أحد من زمن
لم يأتى أحدا هنا منذ شهور
شعرت بقلبها الصغير ينتفض .. لاتفهم
اجهدت عقلها القططى الصغير
لماذا؟؟
تعاود انطلاقها .. وتتسأل .. بحنين عجيب
أين ذهب ؟؟؟؟
ذلك الذى وعدها بالسبت واللبن
رحاب